الشقائق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى قرية طيبة الشقائق
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
منتديات قرية طيبة الشقائق ترحب بكم ونتمنى لكم اجمل الاوقات معنا مع تحياتى مدير عام المنتدى
 

 

 الفصل الثانى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
hindhindii
تقني
تقني



عدد الرسائل : 432
نقاط : 56995
تاريخ التسجيل : 12/01/2009

الفصل الثانى Empty
مُساهمةموضوع: الفصل الثانى   الفصل الثانى I_icon_minitimeالأحد يناير 24, 2010 3:43 pm

الفصل الثانى

فى اليوم الثانى لم يحضر طاهر إلى المدرسة ….. أستاذ الفيزياء سأل محمود أين طاهر اليوم ؟ ….أجاب محمود انه لايدرى … وهل كان محمود لايدرى ….لاشك آن محمود يدرى ان طاهر لن يأتي اليوم إلى المدرسة ….ليس لانه مريض فهو بخير والحمد لله ….وليس لانه مسافر فهو لايعرف السفر مطلقا .. لقد كان محمود يدرى ان صديقه لن يحضر اليوم لانه سيباشر موية القمح نيابة عن والده المريض …
مر ذلك اليوم كما تمر الأيام ….ولكن محمود كان يحس الفراغ لغياب صديقه طاهر … لقد كان فى انتظاره عند الكوبرى الرئيسى ليركب معهم البص …. تلك البصات ذات اللون اللبنى والصندوق المربع العريض كتب فيها بخط واضح .. إدارة مشروع الجزيرة – بركات …
انتظره عند الكوبرى وحتى ميعاد البص ولكنه لم يحضر … كان يأمل ان يحضر بعربات السوق ولكنه حتى التاسعة لم يحضر واخيرا تأكد من عدم حضوره … هذا السبت الكابوس متى ينتهى
الشيء الغريب فى ذلك اليوم وبينما محمود يهم بركوب البص أستوقفته سلمى التجانى وسالته بحياء أين صديقك اليوم … انى لم أراه ….أندهش محمود لسؤالها واجابها بأنه لايعلم أين هو وما هو سبب غيابه ..
ركب محمود بجوار النافذة وارسل بصره نحو الحقول الممتدة … وردد فى سره سلمى التجانى تسأل عن طاهر يسن !!
ولكن من هى سلمى التجانى ؟
سلمى التجانى بنت الباشمفتش تبلغ من العمر سبعة عشر ربيعا … طويلة نوعا … لونها أبيض مشرب بحمرة خفيفة … شعرها مثل جدائل الحصان الاصيل ..ذات عيون واسعة جذابة … تطل من أنفاسها روح شفافة ..جميلة ذلك الجمال الذى تكفيك منه نظرة واحدة وبعدها لن تعيدها ..لن تعيدها خوفا ورهبة ..هل الجمال مخيف ..لماذا يتحاشى الناس النظر للوجه الجميل ..يتحاشون النظر إليه ويتمنون أن لايغيب عنهم … صامتة دوما تعامل الأولاد ببرود .. والبنات ببرود أكثر … والشىء الذى دعم وجودها إنها بنت الباشمفتش … أهم رجل فى المحيط الذى
8

نعيش فيه .. حضرت إلينا فى هذا العام ولكنها آثرت الابتعاد عن مجتمعنا … لم نحاول التقرب إليها … تحينا بنظرة صامتة ..ونحييها بنظرة شاردة ..تلك الرهبة كانت بصورة أعمق وأشد لدى بقية الزملاء وأبنا المزارعين أما بالنسبة لى فكان الوضع أخف ..لست أدرى ربما لأننى أراها أكثر من البقية ..او ربما انها تسكن بالقرب منا وأرها أكثر من البقية ..أنها العادة
ترى لماذا سألت عن طاهر اليوم ؟ الله هو العالم ..
وفى اليوم التالى حضر طاهر ..
وشعر محمود بالفرح لحضوره ..فى الفصل سأله أستاذ الفيزياء مرشد الفصل ..عن سبب غيابه ليوم أمس ..صمت طاهر ولم يدرى ماذا يقول ….مااصعب الحقائق على الذين لايعرفون الكذب ..وبصوت خافت يخرج من قلب حاقد همس بدوى الجعلى كان ماسك موية ..سرت همهمة وبداية للضحك فى الفصل ولكن نظرة واحدة من طاهر كانت كفيلة بإسكاتهم …… رفع أستاذ الفيزياء صوته مهددا الطلاب ثم كرر السؤال على طاهر أين كنت أمس .. أجاب طاهر ظروف يا أستاذ … و
ولكن الأستاذ لم يمهله وقال فى هذه المرة سماح وارجو ان لا تكررها …..

أطمأن طاهر ..وحمد الله فى سره ..وردد فى سره جاءت سليمة .. ثم جلس ..وكذلك تنفس محمود الصعداء لنجاة صديقه من العقاب ..ليس خوفا عليه من الجلد .. ولكن العزاب النفسى أقسى وأمر ..ياليتنا لو بأيدينا أن نحول عزاباتنا النفسية إلى كرابيج ..
وبداء اليوم الدراسى ..
ولكن طاهر كان يبدوا ساهما حزينا ويكاد الغيظ يفتك به .. تابع حصص اليوم بعقل شارد ..ولما أنتهي هذا اليوم الكابوس حمد الله وخرج من المدرسة ..
وسار مع محمود وهو ساهم يفكر ..
ضحك محمود وقال له مابك هل كنت تخاف الجلد .؟
ابتسم طاهر ابتسامة ميتة .ثم تنهد وقال لمحمود مابى شيئا واهو أنا كويس وأنت أدرى الناس أن الجلد لاتأثير له على لكن الكلمة تميتنى والكلمة تحيينى ..
محمود :قصدك بدوى
طاهر : نعم بدوى ..
9


بعد قليل قال له محمود وهو يتصنع الجد ..( يا أخ أنا لو فى مكانك أكون اسعد واحد فى التفتيش اليوم )
ضحك طاهر بسخرية وقال أسعد واحد .. أتسخر منى يامحمود
محمود : أبدا والله هذه هى الحقيقة
طاهر: والسبب ..
محمود : ياأخى أنت الحكومة سألت عنك عندما غبت عن المدرسة !
طاهر: ياترى هل ارتكبت جريمة حتى تسأل عنى الحكومة ؟
محمود : لاياعبيط سلمى التجانى سألت عنك أمس
طاهر : سلمى التجانى ..سلمى .. ردد طاهر الاسم فى حيرة ..
محمود : بالطبع المفتش هو اكبر شخصية تمثل الحكومة هنا ومادام سلمى أبنته سألت عنك يبقى الحكومة بتسأل عنك ..
صمت طاهر ..
وصمت محمود ....
لقد كان شيئا جديدا ..جديدا وعجيبا فى نفس الوقت .طاهر بالطبع يعرف سلمى التجانى ..تلك
المعرفة التى تفرضها الظروف ..شخص يترحل معك كل يوم ببص المدرسة ..تلتقى به صباحا ومساءا وليس بينك وبينه آي تعامل ..اللهم الا همس العيون ..العيون التى تقول كل شيئا وفى نفس الوقت لاتقول شيئا ..
ردد طاهر فى سره سلمى ..سلمى ..أسم أملس ناعم ..غريبة لاول مرة أحس الرقة فى هذا الاسم ..هناك أناس يجملون الاسامى ..وهناك أناس يفرغون الاسامى من معانيها ..
سلمى ..تلك الغادة الهيفاء التى تطل علينا كل صباح ..ذات الوجه الملائكى الصبوح ..ذلك الجمال النادر ..الجمال الذى خلق للإبهار وتذكر عظمة الخالق فى إبداع كائناته ..عندما رايتها أول مرة لم أفكر فيها كأنثى ..دون وعى منى قلت ما شاء الله ..سبحان المصور ..
ولكن هل سلمى مثل بقية الكائنات ..كانت شيئا مختلفا كأنها من كوكب ونحن من كوكب آخر ..أو كأنها عاشت على سطح القمر ذات يوم وان هذا الالق الذى يشع من عينيها هو رصيدها من سكنها على سطح القمر ..خامة فستانها لا أظن انه من قطن مشروع الجزيرة الذى يعمل فيه والدها ..نفس اللون لون علبة لبن الفورموست لكن الملمس شيئا آخر ..الشرابات البيضاء
10

كأنها رسمت بعناية على الأرجل البيض ..كاإخطلاط الحقيقة بالخيال ..ثم طرحة بيضاء تلفها بعناية حول جيدها اليانع نفس الطرحة عند زميلاتها ولكن هناك أناس إذا ارتدوا الخيش الخشن يصير حريرا …
البنات تعودن الجلوس فى الكراسى الأمامية فى البص عندما تدخل البص تحيى الجميع بنظرة ويردون عليها بالتهليل ..وكان طاهر وهو يجلس فى الطرف القصى من البص يحس بان له نصيب من هذه النظرة برقم كثرة الذين يلتهمونها ..ولكن نصيبه من تلك النظرة لايمنيه بالأماني فى دخول الجنة ..
هى الجميلة الذكية بنت الباشمفتش ..عندما تذكر إنها ابنة الباشمفتش سرت فى جسده رعدة ..كأنه أصيب بماس كهربائى ..لقد تذكر موقفا لاينساهو ..
ورجع بذهنه إلى يوم مضى ..
كان طاهر يجلس على طرف أبو عشرين ووالده كان يحادث سامى ..سامى المفتش السابق ..المشكلة كانت تأخر والده فى جنى محصول القطن فى ذلك اليوم وقف سامى قبالة والدى وخاطبه بغلظة ( ياحاج يسن انت مزارع كحيان أنا حااطلب حواشتك ) وقف والدى وطاطا رأسه وقال أمهلني يومين ..ولكن السيد سامى قال له (يومين إنشاء الله ماتعديهن فى الدنيا ) صمت والدى وهو يتنفس بحرقة بينما انصرف سامى مثيرا الغبار خلف عربته ..لا اذكر ماحدث وقتها ولكن ذلك الموقف نقش فى ذاكرتى بمداد من الألم …..برقم حبى للزراعة إلا أن ذلك الموقف جعلنى أكره زراعة القطن ..كنت أحس بأن القطن خسارته أكثر من ربحه ..ويحتاج لعمالة أكثر ..وسياسة الدولة تجاهه بإعتباره مشروع إستراتيجى أكثر تشددا ..أكثر تشددا فى العمليات الفلاحية وتطبيق الحزم التقنية . ونظافته وحشه ..وحتى لقيطه ..وكيف أن(التقة ) يجب أن تكون نظيفة حتى من القشة الطائرة ..وحتى بعد لقيطه عملية قليعه وجمع السيقان اليابسة ..ونظافة الارض بعد القليع ..وكيف كان يجب أن ننشى طريق وسط الحواشة ليمر عليها السيد الباشمفتش حتى يتأكد من نظافة الحواشة بعد قشها بالمقشاشة .. كان شيئا مرهقا ..حتى تاريخه مرهق جدا لأنه يقال أن القطن كان من أسباب الإستعمار البريطانى لنا ..وان قطن الجزيرة زرع لمصانع لانكشير ...تلك هى الحقيقة ..
من عجائب ذاكرة الإنسان إنها تحتفظ بمواقف محددة فى شرائط نظيفة تعرض بوضوح ويكاد الإنسان يراها تحدث أمامه تماما مثل الفيلم السينمائي ..
11

بعض المواقف المؤلمة تفرض نفسها على ذاكرة الإنسان وتحتله احتلالا ..السؤال الصعب كيف نهرب منها لنعيش بسلام مع أنفسنا ..المواقف المؤلمة تذيد من مرارة الحياة ..ولكى نهرب منها لابد من استرجاع بعض المواقف الحلوة ليتم التعادل ..تماما مثل الحموضة فى المعدة ..لكى يتم تعادلها لابد من تناول محلول قاعدى وحامض زايد قاعدة يساوى ملح زايد ماء ..وبعد التعادل نحس الراحة ..باعتبار أن هذا جسد وان تلك روح والإنسان روح وجسد ..
لأدرى من أين اكتسب المفتشين والمسؤولين فى مشروع الجزيرة هذا الجفاء فى معاملة هؤلاء البسطاء ..المزارع ابسط الكائنات يرى المفتش كأنه أمير أو اله فى سيطرته والعياذ بالله..قاتل الله الإستعمار ..المفتش الإنجليزى عندما خرج من المشروع ورث طباعه للمفتش المحلى ابن البلد ..حتى فى الخدمة المدنية الخشونة فى التعامل واضحة ولكنها فى مشروع الجزيرة أوضح ..لماذا ...لست أدرى ربما لان أقدار الطيبين الضرب على القفاء
ثم أن المزارعين مازالت فيهم روح المستعمر فإذا كان المستعمر خرج من مشروع الجزيرة عام 56 فهو حتى الان موجود فى الحقول ..وروحه مازالت هائمة بين سرابات القطن ..وفى تعاليم المسؤولين ..وفى اجندتهم وفى دفاترهم المروسة باللغة الإنجليزية ..فى تلك الرجفة التى تصيب المزارع وهو يخاطب المفتش ..وفى يده وهو يمسك ملاليمه يوم الصرف ..فى التعامل العام معه ..فى العبارات الميتة ..أمثال جنابك ..سعادتك ..سيادتك تؤكد بقاء المستعمر برقم رحيله ورؤية العالم له وهو يركب القطار فى محطة السكة حديد مغادرا الخرطوم إلى غير رجعة ..
ولكن المزارع المسكين لايدرى أن هذا الذى يلبس البنطلون ابنه ..ابنه الذى أرسله ذات يوم إلى مدرسة المستعمر … اصبح مسخا مشوها ..أو هو فيروس الوصال القديم وصال الحضارة الزائفة الوصال الحرام القديم استحكم فى أجسادهم ولابد أن يظهر فى أفعالهم ….واصبحوا لايفرقون مابين ما هو صغير وماهو كبير لان بصيرتهم عمياء ….
يبررون ذلك بفن الإدارة وقوتها … ولكن لاشك أن الحد الفاصل مابين العنجهية والنظم القانونية واضح كل الوضوح … وعموما لايحسب البطش من فنون الإدارة …..والفرق واضح بين الإنسانية ...وفن الإدارة ..
محمود : سارح وين يابطل .؟
طاهر : اه ..سرحت سرحة طويلة ..هيا بنا
12

فى تلك اللحظة وصل بص المدرسة وركب الجميع والكل صامت ..حتى الوصول ..نزل طاهر فى القرية وقبل أن يغيب همس لمحمود سوف أتيك الليلة ترقبنى ..
نزل مع أبناء حلة الجعلى وواصل البص رحلته حتى المحطة الأخيرة فى مكتب الغيط وهناك نزل البقية أبناء الموظفين والخفراء ومنهم سلمى التجانى وبالطبع محمود وأخته مروة ..همست سلمى لمروة اليوم ساذوركم توقعينى ..وكتمت الأمر عن محمود لحاجة فى نفسها ..مروة الأخت الوحيدة لمحمود ..الشقية المشاكسة ..جسمها ممتلى ..طبعها يميل نحو الشقاوة والمرح ..تمتاز بالطيبة والعفوية ..تهوى الرياضة ولعب الورق .. ..مستواها فى الدراسة متوسط..ماهرة فى أعمال الطبخ خصوصا القراصة والفسيخ … أنثى مكتملة الأنوثة ..
بعد صلاة العصر كان محمود يدخل رأسه فى قفص الدجاج ..ينظفه ويدخل له حبات القمح والماء ..كان ممسكا بفرخة مكتوفة بخيط متين ..أتاه صوت مروة أخته من الخلف ( تعرف يامحمود آن
سلمى التجانى ستزورنا اليوم فى دارنا )أرتعش محمود وفك الفرخة من يده ..وأصابه سقف عش الدجاج فى رأسه ..وتعالى صياح الدجاج وانكشح جردل الماء تحته ..
ضحكت مروة من الموقف حتى دمعت عيناها ..أصيب محمود بالخجل … ثم لعن فى سره يوم سلمى التجانى ..
وقف محمود خارج القفص ينفض فى يديه مدعيا اللامبالاة وقال لها .ومالو ألف مرحب المهم لازم ترتبى الملايات كويس ..وإذا ماعندك ليمون أمشى أجيب ليك ليمون من شجرة معاوية الصراف ..لومافى سكر أنا عندى سكر فى شنطة الحديد ..
ضحكت مروة مرة أخرى وجرت مسرعة قبل آن يقذفها محمود بجردل الماء الملقى بجواره ..
مروة الشقية كانت تعلم ان سلمى التجانى جميلة … وان جمالها يصيب اولاد الدفعة بنوع من الجنون ..كانت ترى الانبهار فى عيونهم ..وفى تصرفاتهم ..فى هداياهم الساذجة ..أقلام الحبر والدفاتر الانيقة ..كانت تعلم كل ذلك وتقراه فى عيونهم ..لكن العيون الوحيدة التى لم تعرف سرها هى عيون طاهر ..تلك العيون التى تخفى سرها فى بئر عميقة ..
عند السابعة حضر طاهر ..
وكان لايدرى ان سلمى التجانى حضرت قبله بربع الساعة وهى الان فى غرفة مروة
دخل طاهر .. ومن اللحظة الاولى أحس بان هناك شيئا غير عاديا قد حدث فى الدار .. على غير العادة وجد المنزل نظيفا ومرتبا ..الملايات موضوعة بعناية ..المفارش علىالترابيز الصغيرة
13

..الحوش مرشوش ولااثر لروث الدجاج والحمام الذى كان يعطر المنزل ..المعزة الوحيدة التى كانت تربط بجانب المدخل سمع صوتها فى زريبة الحمار ..
قصد غرفة محمود وجلس على الطاولة الكبيرة التى تشبه الكاونتر …كتب محمود رصت بعانية فوق الكاونتر ..
ماذا حدث ..جن من الظرافة اصاب مروة ..
فتح درج صغير تحت الكاونتر كان محمود يحتفظ فيه بالمجلات القديمة وكتب المكتبة ..أدخل يده واخرج اول كتاب صادفه ..رباعيات الخيام ..نظر طاهر اليه قليلا ثم ارجعه ..ثم فتح كتاب من كتب المقرر وبداء يقراء … ولكن عينيه لم تكمل السطر الاول حتى وصلت الى انفه رائحة عطر نفاذة ..رائحة لم تشم انفه مثلها قط ..أحس برعدة ..احس بان هناك شخص دخل الغرفة باقدام حذرة ..واحس به على طرف المائدة واحس بحفيف فستان حريرى يلتصق على المائدة وجسد ناعم يقترب منه ..
مساء الخير ..صوت مثل اصوات الملائكة فى رقته ..
اجاب طاهر مساء النور ..
سلمى : انا اسفة يبدو اننى قطعت عليك مذاكرتك ..
طاهر : لا عليك … الذمن ملحوق ..واهو كلو ضائع ..تفضلى الدار دارك ..
سلمى : شكرا ..
جلست سلمى فى الكرسى المواجه له وجعلت أصابعها تعبث باول دفتر يصادفها وهى تضع يدها على الكاونتر … امسكت بقلم رصاص صغير وجزبت ورقة بيضاء من دفاتر محمود ..وتهيأت لكتابة اى شىء ..وبداء القلم الرصاص يتحرك دون وعى منها ..
بداء طاهر يسرق النظر ..اراد ان يتفحص الملاك فى غير الملابس الرسمية ..فى البداية وقع نظره على الاصابع الرشيقة وهى تمسك بقلم الرصاص .. لم اكن احب الكتابة بقلم الرصاص ..فى ثالثة ابتدائى فرحت فرحا شديدا عندما سمح لنا باستخدام القلم الجاف .. .مالى احس الان ان قلم الرصاص من اجمل الاقلام فى الكتابة .
الانامل الرقيقة خالية من المواثيق ..تلبس اسكرت اسود شديد السواد ..البلوزة حمراء رقاشة ..والطرحة وضعت بغير ماعناية فظهر الصدر البكر فى تربيعة فاتنة ..وهناك فى مفترق الطرق مثلث برموداكان ينام سلسل رهيف ينتهى بقلب صغير يتارجح فى حيرة لايدرى الا اى الفريقين
14

يميل والشعر ضفيرة ذيل الحصان ..ورائحة العطر ..
كل ذلك اصاب طاهر بالدوار ..واحس انه فى حضرة ملاك ..واحست هى بنظراته المتلصصة تجوس فى جسدها فاعتدلت فى جلستها وقالت …
انت طاهر مش ..
طاهر : نعم انا طاهر
سلمى : طاهر مين
طاهر : طاهر يسن البدوى محمد على خوجلى محمد عبد الواحد الاقرع ..
ضحكت سلمى ضحكة قصيرة وقالت كفاية كفاية
سلمى : تعرف انا مين
طاهر : طبعا اعرف
سلمى : انا مين
طاهر: انتى الحكومة
سلمى : (ضاحكة ) الحكومة مرة واحدة … ياأخ انا صغيرة جدا
طاهر : انتى حكومة عبود
سلمى : ولماذا حكومة عبود بالذات
طاهر :اسألى وانتى تعرفى ..
اتاهم صوت محمود من الخلف ….انا اعرف
سلمى ماذا تعرف .؟
محمود : اعرف ان الحكومة الوحيدة التى انصفت المزارع هى حكومة عبود .. فى تلك الفترة أصبح المزارعين من الاغنياء واخذوا ارباح مجزية على كل حال كانت ممتازة جدا معهم ..
سلمى : عشان كدة طبعا انت منحاز للمزارعين
طاهر : يكفى انهم اهلى وابى وعمى وخالى ..يوسف وعبدالله و..
دخلت مروة وهى تحمل براد الشاى والزلابية ..
قالت باسمة اراك ياطاهر عرفت سلمى بنسبك وعائلتك ولكنك نسيت عبدو مناف وعبد شمس
ضحك الجميع … وقال محمود سنة تعملى فى الشاى مامنك نفع
قامت مروة بتوزيع الشاى اعطت سلمى اولا ثم طاهر ثم اخذت هى واشارت لمحمود بان ياخذ
15


كوبه ثم دارت بصينية الزلابية على الحاضرين وفى النهاية وضعتها بينها وبين سلمى .
طاهر : شنو الاحتكار يامروة ..
مروة : اولا كمل مافى فمك ويدك ..ثم ان اليوم الضيفة سلمى ..انت قدمت
طاهر : نقوم يعنى
مروة :اذا عاجبك ..
جزب طاهر كرسى الخيزارن واصبح بجوار الصينية وقال ..طيب والله الليلة ماتكمل مااقوم
محمود : نقطة نظام ..وللذكر مثل حظ الانثيين ..توزع التركة بنسبة 2 :1
اتاهم صوت الوالدة من الخلف كتلت والديك ياخايب الرجاء ..ضحك الجميع ووقعت قطرة من الشاى على الاسكرت الاسود اصاب الزائرة العزيزة بالخجل ..احمر وجهها وبانت غماذة تحت الذقن اكتشاف جديد ..تخلصت بسرعة من مسحة الخجل ووضعت قطرة ماء على مكان البقعة ..يبدوا انها بداءت تتلاشى فى الشلة
بعدها انساب الحديث سلسا طبيعيا .. وانتهى اخر تحفظ لسلمى عندما قامت بجمع اكواب الشاى وادخالها المطبخ ..
فى ذلك اليوم استمتع طاهر بحرارة انوثتها ودمها الخفيف وحلاوة عطرها ..ذلك العطر الاخاذ ومر الوقت سريعا وقامت تود الانصراف ..قيامها كان كفيلا بإنها الجلسة ..ودعتهم بروح منطلقة وخرجت مع مروة …
قام طاهر واقترب من الكاونتر ..وفى غفلة من محمود طبق ورقة بيضاء بعناية ووضعها فى جيبه ..تلك الورقة التى كانت سلمى تشخبط فيها ..لماذا فعل ذلك هو لايدرى شى غريزى دفعه للاحتفاظ بتلك الورقة ..توجه ناحية النافذة ..ملاءا رئتيه من هواء الحقول ..زفر بحرقة وقال لمحمود اود الانصراف ..اوصله محمود حتى الكوبرى سارا صامتين ادرك محمود مايعتمل فى صدر صديقه فلم يشا ان يضايقه بالحديث ودعه ورجع منه ..الكوبرى الحد الفاصل ..نهاية المياه الاقليمية لكل فريق ..بعد ها انحدر طاهر من الكوبرى ناحية القرية شد قامته واوسع الخطا .
القمر فى كماله يخاطب ايقاع خطواته المنتظمة ..نمة بعيدة يحملها هواء المساء ..فمه يصفر لحن حزين ..ورائحة لعطر ما تخطلط مع رائحة الزرع المروى … أحس بالنشوى وبداء يتأمل القمر المستدير امامه فى الفضاء الرحب أحس بإحساس جديد يتسرب فى جوانحه ..
16


ايها القمر … مكابر من يقول انك طبيعة صخرية …
الصخر فى قلوب الذين لايرون الالق الذى يحتويك ..
لك الخلود ايها الشاعر ……
ودارى غضبك ايها العالم … فالذمان ليس هو الذمان والمكان ليس هو المكان ….




















17


عدل سابقا من قبل hindhindii في السبت يونيو 05, 2010 4:45 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hindhindii
تقني
تقني



عدد الرسائل : 432
نقاط : 56995
تاريخ التسجيل : 12/01/2009

الفصل الثانى Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثانى   الفصل الثانى I_icon_minitimeالأحد يناير 31, 2010 6:05 am

القطار الأخضر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hindhindii
تقني
تقني



عدد الرسائل : 432
نقاط : 56995
تاريخ التسجيل : 12/01/2009

الفصل الثانى Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثانى   الفصل الثانى I_icon_minitimeالأحد أبريل 10, 2011 5:11 am

القطار الأخضر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الفصل الثانى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفصل الثانى عشر
» الفصل الثانى والعشرون
» الفصل الثامن عشر
» الفصل الخامس عشر
» الفصل السادس عشر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشقائق :: الثقافى :: الخواطر والقصاصات :: الأعمال الكاملة ..هندى عثمان-
انتقل الى: