رقم 100
قدر ظروفك
أسمى حنان
وأسمها
حنان ...
أو كما نسميها قدر ظروفك
كانت زميلتنا فى الجامعة ...وتسكن معنا فى داخلية واحدة ...لا بل معى فى سرير واحد ...ذلك السرير المزدوج الذى يشبه اسرة السجن ..تنام فى الطابق السفلى وأنام فى الطابق العلوى لأننى صغيرة وخفيفة ... ريفية مثلى ..ولكن كلا منا فى ولاية مختلفة ولكن لا شبه بيننا سوى الأسم ...
هى طويلة بيضاء وجميلة ..وأنا سمراء نحيفة وقصيرة ...وعندما كنت اسير معها كنا مثل الصفر والواحد ونشكل معا الرقم عشرة ..
ندرس فى كلية نظرية واحدة ..فى السنة الأولى كابدت معنا الجوع والبرد ونقص الطعام ..عاشت معنا صراعنا مع صندوق دعم الطلاب ..بل كانت افقر منا وكنا نساعدها لأن والدها عامل بسيط فى مجلس بلدى مغمور ... كنا معا نتشارك صحن البوش وصابونة الغسيل وليفة الحمام ...كانت مرحة وعفوية وإجتماعية ..أسهل شىء لديها فى الدنيا هى صنع الصداقات والمعارف ...ولكنها كانت فقيرة راتب والدها المتواضع لا يتناسب مع الاسرة الكبيرة التى يعيلها
والفقر مع سكن الداخلية عزاب لا يرحم ..
ولكن ..
ذلك الوضع جعلها تفكر فى مصدر دخل مع دراستها وكان حلها الوحيد هو التجارة ..دخلت السوق وبداءت تجلب لنا الكريمات والعطور المركبة والاشياء النسائية الخاصة وبعض ادوات التجميل الأخرى ...
أشتهرت فى الداخلية بأسم( قدر ظروفك ) .. نمت تجارتها ودخلها المادى تحسن وخلقت صداقات مع كثيرا من التجار ..ولكن كان اشهرهم مجدى ..
مجدى أبن تاجر مشهور تردد اسمه كثيرا ..وأحيانا يأتى لها فى الداخلية ويجلب لها البضائع ...ويقف معها على البوابة فترات طويلة ..ربما تكون مفاصلة فى الأسعار وربما تكون ضك حنك ليس إلا ..
لكل نجاح ضريبة ..والحسد يتربص بكل ناجح فبداء الهمس يتكاثر من حولها ..ولكنها لم تهتم ...نبهتا كثيرا وقلت لها أنا أخاف عليك ..
قالت لى لا تخافى على ..خافى على نفسك (أنا أمى بت عم ابوى) ..قالت العبارة بثقة ..يومها لم أتبين معنى العبارة فتركتها ذلك اليوم ...
ولكن عندما كثر الهمس وبداءت بعض الزميلات تنبهنى بان أحترس من صديقتى قلت لها فى مساء شتوى بارد بعد ما نام كثيرا من الزميلات.. الناس يتكلمون عن مجدى ...
ضحكت وقالت لى ..مجدى طلبنى للزواج ( العرفى) فرفضت ..وهو يريدنى ولكنه يخاف من والده ..وبداءت تحكى عن تعلقه بها ..
لم ألتفت لها .. ولم أستمع إلى قصتها
ولكن مجرد سماعى لكلمة زواج عرفى أصابنى خوف وهلع لا مثيل له ..خفت منها لدرجة جعلتنى أصمت وأقطع الحديث معها ..ألتفت نحو الحائط وتصنعت النوم وجعلتها تثرثر حتى ..
يئست منى فنامت هى قبل أن أنام أنا ...
أبتعد ت عنها شيئا فشيئا ...
خوفى جعلنى أبتعد عنها ..وأحاول تجنب الحديث معها وعدم الظهور معها ..
واستمر حالنا هكذا حتى أنتهت فترة دراستى الجامعية ..
ذهبت إلى القرية وأنا أحمل صورة التخرج ..امسك بيدى بورقة ملفوفة وروب جميل وإبتسامة بلهاء لنجاح وهمى تعلو وجهى ..و ..
علقتها فى غرفتى حتى علاها غبار النسيان ...بمرور الزمن بت أتحاشها لأنها تذكرنى بخيبتى
ومرت السنوات فى مطاردات لجنة الأختيار وعلى ابواب الفرص الضائعة فى وجود وظيفة أو وجود أبن الحلال ...وأستمترت حياتى سنوات ... عاطلة وعانسة .. ويائسة
و
فى يوم ...
ذهبت مع زوجة أخى لمراجعة طبيب نساء وولادة مشهور ونحن جلوسا على كراسى الإنتظار دخلت علينا أمراة فارعة بيضاء جميلة ..أحتوتنى بين زراعيها وسلمت على بشوق لا مثيل له ...بعد فترة أستوعبت الموقف لقد كانت حنان (قدر ظروفك) ..ولكن كل شىء فيها كان مختلفا ..اللون والصحة والبشرة واليد المذهبة والشعر المفرود ورائحة عطر قوية ...كانت شيئا اخر ...
أشارت لرجل معها بيدها ثم جلست بجوارى ..
قالت لى ذلك هو زوجى مجدى ..ولدينا طفل عمره اربعة سنوات ..و ..ضحكت وقالت لى على سنة الله ورسوله ...والثانى فى بطنى
تكلمت كثيرا وسألتنى كثيرا ولكن عقلى كان شاردا ..
حتى سألتنى سؤال هل توظفتى قلت لها لا ..وسألتها أنا نفس السؤال قالت لى لست محتاجة للوظيفة ولكننى حاليا أدرس دراسات عليا ..
أعطتنى رقم تلفونها ورجتنى أن أتصل بها حتى تتدبر لى وظيفة ..
تركتنى مذهولة وعطرها يلف المكان وزوجها يمسك بيدها ...و
ومرت أيام ...
سألتنى زوجة أخى هل أتصلتى بصديقتك لتجد لك وظيفة ؟؟؟؟
قلت لا ..
قالت لماذا ؟؟؟ ...قلت لها وانا ساهمة (انا أمى بنت عم ابوى ) قالت زوجة أخى ..وماذا يعنى هذا ..؟؟؟؟
لم اجد إجابة أرد بها عليها فقلت لها
أصلا أنتى مافاهمة حاجة ......
هندى عثمان - الخبر