نفوس ..ومعادن

رقم 103
نفوس ومعادن
دارت الشريط فى ذهنه وطائرة الخطوط العربية تحلق به مبتعدة ...كان يتصرف كأنه ذاهب فى إجازة قصيرة ..لأنه كان يحمل حقيبة صغيرة ..ويرتدى ملابس بسيطة ..ولكن
هل كان فعلا ذاهب فى إجازة ..
الشخص الوحيد فى الدنيا الذى يكره الإجازات هو صابر
لماذا ؟؟؟
لأن الإجازة بالنسبة لصابر هى موسم للعكننة والشجار مع زوجته سيدة ...
وسيدة هى الأخت الصغرى لثلاثة أخوات هن سعاد وسها وسيدة هى الصغرى متزوجات من رجال مغتربين مقتدرين ماديا ...
كن عندما تأتى الإجازة يذهبن للأسواق ويشترين الهدايا ولاوزم السفر ببند مفتوح ..يشترين كل مايحلو لهن
وأهم تلك المشتريات كان هو الذهب ..الذهب المعدن المجنون الذى كل يوم هو فى إرتفاع .. الشى الوحيد الذى لم ينخفض سعره رقم نشرات البنوك والحروب وإدعاءات البورصة ..
كن يشترين أخر موضات الذهب من قوائش واساور وخوات الخاتم الواحد مثل الشجرة ...تذكر كيف كان يكره ذلك الخاتم الذى يشبه الشجرة (خاتم عوير)
ولكن لأن سيدة راتب زوجها عمى صابر على قدر حاله كان لايستطيع ان يشترى لها الذهب ...كان يادوب يستطيع أن يوفر لها حق التذكرة وقليلا من الهدايا ..
ولأن نسوان المغتربين جعلن الذهب من واجبات الإجازة ومن ضرورياتها كان موسم الإجازة بالنسبة له هو موسم المشاكل والعكننة ..
لذلك كره الإجازة ...بل كره حتى يوم الجمعة الذى يجعله يتواجد فى الدار هربا من المشاكل ...
بالرقم من أن عم صابر أسرته فى السودان من الأسر الغنية إلا أنه فضل أن يعتمد على نفسه ويعيش بالبسيط وعلى قدر حاله ..بل وصارحها بذلك قبل الزواج وقال لها لن أعتمد على أهلى وسوف نعيش على قدر دخلى وراتبى ..ووافقت على ذلك ..
ولكن قبل العر س كلام ليل ... يمحهو ه نهار العرس ..
فى الإجازة الأخيرة
قالت له
هذه الإجازة يجب أن تشترى لى الذهب ...لأن والدتى فى الإجازة الماضية عندما رأت أخواتى والذهب فى أيدهن ونظرت إلى يدى الفارغة كادت أن يغمى عليها من الزعل .. وأتهمتنى بالعوارة ...وأتهمتك بالحقارة
قال لها ولكن من أين ..والعين بصيرة واليد قصيرة ..
قالت له من أين هذه من عندك إنشاء الله تستلف لى وتشترى لى ذهب وبعد الإجازة نبيع الذهب وتحل ديونك ..
قال لها من اين ..
قالت له دبر أمرك
ولأنه كان يحبها ولا يقدر على زعلها ...ولا على زعل نسيبته وخوفا من أن يغمى عليها .. وتحت ضغط الزعل والدلال والإغراء قال لها سوف أخذ فلوس من صندوق الشركة (العهدة) وأشترى لك الذهب ..وبعد الإجازة نبيع الذهب ونرجع العهدة ..
موافقة
قالت موافقة .. خصوصا ياحبيبى أن أسعار الذهب فى إرتفاع وبعد الإجازة سوف يرتفع ثمنه بل وسوف تكسب من ذلك ربحا
وفعلا أخذ عمى صابر فلوس العهدة من صندوق الشركة التى يعمل بها وباع هو تذاكره وإجازته ولم يسافر معها وأشترى لها كمية من الذهب ..سافرت بها مبسوطة للسودان ..
وكان هو فى أنتظارها يلعب بالبيضة والحجر ...يشيل طاقية دا ..ويركبها فى راسى دا .. فى إنتظار زوجته سيدة حتى تعود ويبيع الذهب ويرجع العهدة ..
وأنتهت الإجازة ..
وعادت سيدة ..
ولكن الذهب لم يعد معها ...
وعندما سألها أين الذهب قالت له (أمى حلفت ما أرجع بيهو) ...قال لها والديون والإتفاق ...قالت له أنا دى ما مشكلتى ...مشكلتك براك أتصرف وحلها ..
و ...
ودارت به الدنيا ...
بعدها بايام ذهب لمدير الشركة وصارحه بالمشكلة وطلب منه أن يجعل تلك العهدة ديونا عليه ..
ولكن المدير رفض ..واعتبره خائنا للامانه وأحضر له الشرطة وأدخله الحبس ...وصارت فضيحة سارت بها الركبان ..
عندما علم أهله بمصيبته أرسلو له الفلوس من السودان حلل ديونه وبعدها بشهور بعدما أخذت منه الحكومة الحق العام ... واخذت منه الشركة الحق الخاص أطلق صراحه ولكن بعدما أنهت عمله بتأشيرة خروج نهائى ..
فى تلك الأثناء سيدة كانت تقيم مع أختها الكبرى ووظفتها معها فى مشغل خاص واصبح لها راتب ودخل وجرت الريالات فى يدها ..
قال لها عمى صابر
إذن سوف نسافر سفر نهائى للسودان وسوف تسافرين معى ..
قالت له ولماذا أسافر معك ...
قال لها موش دقو لى خروج نهائى ..
قالت له دقوا ليك أنت خروج نهائى ما أنا الدقو لى خروج ...
و...
حمل حقيبته الوحيدة وخرج من المطار وكان فى إستقباله أخوه الاصغر ...
بعدما تحركت العربة قال له أخوه ...وأين سيدة ..
قال عمى صابر لم تأتى معى
قال أخوه لماذا لم تأتى معك ..
قال لأخوه معاتبا ...دا كلام شنو ..تجى كيف ...دقوا ليها هى ولا دقو لى أنا ...
قال له أخوه .. الرجالة تطير
قال له ماذا ...قلت
قال الأخ الصغير ...ولا حاجة ..
ثم تحركت العربة وأبتلعها جوف المدينة ...




هندى عثمان - الخبر

والله الرجالة تطير واعوذ بالله من قهر الدين وغلبة الرجال.