رقم 33
عجلة رالى ..
تقلب حاج أحمد على عنقريب البلاستيك للمرة العشرون وهو يحسب حسبته مع كل قلبة على إحدى جنباته .. فى حقيقة الأمر لم يتعود على هذه الرقدة ولكنها الملاريا ..منذ ثلاثة أيام لم تفارقه الملاريا وصداع عنيف يعصف برأسه ..لحسن الحظ الدنيا صيف ولايوجد عمل فى الحواشة ..أنتهى لقيط القطن قبل فترة طويلة وهو الأن فى إنتظار الحساب الفردى ..حساب فردى عائده سوف يقسم على المجموعة ..البنت الكبيرة فى إنتظار مصاريف الجامعة ..والولية ام العيال ثوبها أشتكى من أبرة الخياطة ..والبنت الصغرى تفكيرها أنحصر فى مواعيد زواجها من أبن عمها ولا ندرى ماذا سيحدث إذا أراد الزواج فى الايام القادمة وحسن الصغير يتمنى أن يمتلك عجلة رالى لذلك زرع نص فدان بصل مع خاله حتى يتمكن من شراء العجلة وإذا قصرت الفلوس محتاج دعم ..والحساب الفردى فى حكم الغيب وفى أحسن الأحوال سوف يكون حللا ناجحا لقضية واحدة .. والإسئلة حوله كثيرة هل ستكون كثيرة أم قليلة أم لن يكون هنالك صرف قطن من أصله ..
الملاريا تشتد ودرجة الحرارة لم تنخفض من صباح الرحمن ..والدمع يسيل من عدم البن ..خرمة( جبنة) عارمة تعصف برأسه مع فتور عام يعصف بالإطراف .. إدخله يده فى جيبه للمرة العشرون ولكنه لم يجد حتى حق (البن) وإنما وجد كركعوبة قطن مكسورة على نصقين تزكر وخزتها على جنبه الأيمن فى محل الحقن فى الليلة السابقة ولحظتها خيل إليه أنه يهزى حيث أنه تصور يوسف الحكيم يطعنه بالحقنة الرابعة ..
كان نصف نائم ونصف مستيقظ
قبل مغيب الشمس بقليل لم يصدق نفسه عندما أحس بيد زوجته تهزه برفق وقالت له قوم ياراجل هاك الجبنة ...قال لها بإعياء واضح من أين لك هذا ..قالت ضاحكة أحمدك يارب حسن باع البصل وإشترى ليك البن ..
أسند يده على طرف العنقريب وشرب الفنجان الأول ثم الثانى وبعد الفنجان الثالث أحس بالعرق يسيل بغزارة من تحت العراقى المهترى ..أستجمع باقى قوته الخائرة وقال لزوجته ...على الطلاق أول حاجة نعملها يوم الصرف نشترى عجلة رالى لى حسونة ...
قالت له زوجته ياراجل الملاريا طارت ليك فى راسك ولاشنو .. لم يدرى بماذا أجاب عليها ولكنه وضع يده على خده وهو يمسح دمعة حارة تنحدر عبر اخدود نحره الكراب على وجه الايمن ..
لم يدرى فى حينها ..أهى دموع الصداع ...أم دموع الفرح بأبنه الصغير ...وربما دموع البصل ...
هندى عثمان – الخبر