فتة منتصف الليل
ذكريات دراسة
رقم 64
هذا الرجل أعادنى سنينا للوراء ...أعادنى لأيام الداخليات ...وأيام الجوع الكافر مع الفول والفاصوليا والعدس ...
انه ماجد الدهنون ..
ولكنه تغير ...أين أنت الأن ..يادهنون ...
لن تدرى ماقاله لى ...
....
عندما يسرح الفكر فى ايام الدراسة وشلة الثانوى ثم الجامعة يتبادر السؤال البديهى ..أين هم الان ...؟؟؟؟؟
سؤال كبير وخطير ...أين هم الأن ؟؟؟...أناس كانو جزءا من حياتنا اليومية ...أكلو معنا ...شربوا معنا ....ضحكو معنا ....أين هم الان ...؟؟؟
صداقة مقربة كانت ذات يوم أقرب لك من الأخ الشقيق ...أجتمعو للدراسة وتفرقوا بنهاية ايام الدراسة ...فرحونا معا وضحكنا معا ...وحلمنا بالمستقبل معا ..أيام الشقاوة والكورة والمسرح
ثم سؤال اخر هل جميعهم حققو أحلامهم ...أو بمعنى اخر هل جميعا أشتغلو وتوظفوا بشهاداتهم ومجالاتهم التى تخرجوا فيها ...؟؟؟ هل جميع استفادوا من شهاداتهم ؟؟؟
الشلة كبيرة ...فإذا أردنا الإجابة البديهية فشلتنا فيها من دخل الطب وفيها من دخل الهندسة وفيها من دخل القانون وووو وفيها وفيها
الوحيد الذى التقيه الأن بين لى لى أن الإجابات سوف تكون مختلفة وغير متوقعة ..
الدهنون أحد افراد الشلة والأغرب من ذلك هو أحد أفراد شلة الثانوى والجامعة ..مثل الغالبية فقير ومعدم ...ولكنه فهلوى ومدردح ...وعبارته الشهيرة فى ليالى المذاكرة (فتة منتصف الليل ) ...ودعوته المشهورة يارب الوسيط والواسطة ...وأكل الباسطة
كان دائما مايهتم بالوجبات وتصليح الفتة ...شنطة الحديد التى يملكها لايوجد بها سوى أنواع مختلفة من الماكولات بداية بالشطة ونهاية بالفول السودانى ..
عندما درس معنا أيام الجامعة كان مشهورا بأنه يعرف أحسن المطاعم (أرخصها) وقد تعود أن يعزمنا على أكلة قراصة بالتقلية فى أحد مطاعم السوق العربى وكان يجمع الإشتراك من افراد الشلة ويقوم هو بمحاسبة البائع وبعد المجادلة يخرج منه بخصم يجعله لا يدفع مليما من نصيبه فى المشاركة ...كنا نعلم ذلك ولكننا كنا ايضا نعلم ظروفه المادية لذلك لم نكن نكترث لذلك ...بل نقابل ذلك بمرح ...حتى أنه قامت صداقة بينه وبين صاحب المطعم ..
كان فقيرا حد العدم (الحكاية ملطشة معاهو)...كان هو كبير اخوانه ووالده عامل بسيط لذلك فى ايام الإجازات لم يكن يسافر للقرية بل كان يتواجد بصورة مستديمة فى الخرطوم ...عمل فى كثيرا من المهن عمل (كمسارى) (ويوميات بناء) وعامل فى احد المصانع ..
اذكر تماما فى السنة الأخيرة قال لى أن إجازته الماضية كانت من أجمل الإجازات لأنه كان يعمل مع صاحب مطعم القراصة ...
أنتهت أيام الدراسة ....ومرت الايام ...
والسؤال دائما ترى أين هم الأن ...وهل أستفادو من شهاداتهم الدراسية ...هل توظفو فى مجالاتهم ...هل استطاعو أن يتجاوزا لجنة الإختيار والوسيط والواسطة وهل أكلو الباسطة ..
كل تلك الذكريات أعادها لى هذا الرجل ..وسالته اين أنت الأن ...
اراك تبدوا مرتاحا ...
قال نعم والحمد لله ..
قلت له فى أى وزارة تعمل الأن ..
ضحك ثم قال لى أعمال حرة (فتحت مطعم قراصة والحمد الله الحكاية ماشة) طبعا شاركت فى البداية صاحبنا بتاع السوق العربى وأهو الحمد لله الأن لى مطعم خاص بى ...لم يتم باقى كلامه قال لى لى معزرة أنا مستعجل لدى موعد هام وأختفى فى الزحام ..
قلت فى سرى الحمد لله ..
أخيرا واحد من الشلة أستفاد من دراسته الجامعية ...حتى لو كان فى مجال غير مجاله ولكنه برقم ذلك نقول أستفاد من دراسته الجامعية ..و
(واحد فتة منتصف الليل)
هندى عثمان – الخبر