عندماأكون وحيدًا استرجع أيام حياتي، أيام حياتي أنا ؟، لا بل أفكر في الحياة كلها. فالحياة هذه ودنيانا كالبحر الخضم، خلقنا بها الخالق، وتركنا نسبح فيه ونغوص بداخلها، وأرسل لنا الرسل هادون ومعلمون، لنتعلم كيف نسبح ومتى نغوص .واختتمهم بخيرهم صلوات ربي عليه ولهذا الب...حر شاطئان، فالأول هو يوم ميلادك، هل تذكر شيء عنه؟ وكيف كان ؟ والثاني هو يوم وفاتك بهذه الدنيا وميلادك بعالم أخر ، هل وصلك خبر أو نبأ عن هذا اليوم ؟ وكيف سيكون ؟ فمن تعلم كيف يسبح ومتى يغوص، وأستوعب الدرس جيدا يصل رغم عن الأمواج العاتية، والرياح المزمجرة بصدر رحب ونفس مستريح. ومن تعلم ولكن ليس كما تعلم الأول، ولم يستوعب الدرس جيدا فيصل ، ولكنه ليس كوصول الأول.ومن جلس واستمع، ومع هذا تجده لم يعي، كأنه أصم الأذنان وأعمي العينان، فتعصف به الأمواج وتلوح به الرياح، لأن كان شغله الشاغل هو اللهو بالبحر وما بداخله، وليس العمل على الوصول للشاطئ الأخر. فالبحر كبير وعميق، وبه الكثير والكثير مما يشغل العيون ويلهى الأفئدة، فمن أغواه البحر بصفائه وسكونه، وألهته كائناته أو فتنته عروس البحور، وأنشغل بالجزر الخضراء وغره نعومتها ونسيمها. فإن البحر يأخذه في غفلة منه، ويلقى به إلى أعماقه، ولم يرى منه سوى الظلومات، ولا يرتوي منه إلا بمائه المالح، فقد يكون طعام للأسماك مفترسة، أو يمسى بجوف حوت، يحترق بنار لا يرى لها لهيب