رقم 79..
الأسئلة الصعبة
الذين خرجوا من السودان فى السنين الماضية ولم يعودوا له بعد عشرات السنين مجموعة كبيرة ...مجموعة كبيرة خرجت من البلد ولم تعد له ...أسباب عدم العودة كثيرة جدا ...منها ماهو شخصى مثل الصدمات العاطفية ومنها ماهو مادى ومنها لأسباب غريبة ..مثل الذى شنبه لم ينبت بعد
لفت نظرى أحدهم ميسور الحال ..نظيف ومرتب ويحب المرح ويدارى مسحة من الهم بلعب الكونكان ...مدمن كوتشينة وعلاقات إجتماعية ورياضية ...
قال لى
أنه الولد الوحيد لأسرته التى هاجرت من جنوب الجزيرة إلى شمالها ..أستقرت الاسرة فى أطراف قرية كبيرة من قرى الجزيرة وأشترى والدى حواشة خمسة أفدنة مع بعض اقرباءه وأنقطعت صلتنا بقريتنا الأولى ..عملت بالزراعة فترة مع الوالدة ثم عملت بالتجارة بين الخرطوم والقرية ...توفى الوالد والوالدة وتركانى وحيدا مع حواشة بائرة وزراعة مضروبة ...
تعلق قلبى بواحدة من قريباتى فى القرية وعشت ليالى مع الوهم بأنها تبادلنى نفس الشعور وعندما نويت الزواج دار بيننا هذا الحوار التالى
- أظنك تعرفين بأننى أود الزواج منك ..
- أنت مين ؟؟؟
باقتتنى الإجابة التى تشبه السؤال المتهكم المستفز
قلت لها ..أنا مين ..كيف أنا مين ؟؟؟
قالت لى أسفة لكن من أنت ماذا قدمت لوطنك ...ماذا أعددت لمستقبلك
كان ردها كافيا بإقتيال كل القيم بداخلى ..فى لحظة أنهدمت فى داخلى قيم الإنسانية والمواطنة والإنتماء ...
صدقنى لم اكلف نفسى مشقة الرد عليها ..
لكن بعدها بأيام قررت السفر بعت حواشتى وبعت بيت الاسرة مع العفش الهزيل ولم أنسى أن ابيع الحمار المكادى الذى تركه والدى ...
وسافرت ..عملت وأجتهدت قاسيت مع كفيل ثم أنتقلت لكفيل اخر حتى أستقريت أخيرا فى عمل خاص مربح ..
طيلة المدة الماضية لم تحدثنى نفسة بالرجوع للبلد ...فى إجازاتى اذهب أحيانا إلى مصر وأحيانا إلى لبنان ...
طبعا لم أنسى البلد لأن جهاز المغتربين ياخذ كل عام الضريبة والذكاة وحق الخدمات شرطا لتجديد الجواز ...إذن قدمت لبلدى ضرائب لا بأس بها ...
طبعا لم أتزوج حتى الأن
خوفا من أن يسألنى أحد ماء ... سؤال تصعب الإجابة عليه .....
هندى عثمان - الخبر