نظمها:أبو سهل طه بن الطيب بن محجوب الزياتى
مَاذَا نَقُولُ وَقَدْ أَتَانَا نَعْيُهُ:
قَدْ مَاتَ ذَاكَ الْعَالِمُ الرَّبَّانِي
فُجِعَ اْلأَحِبَّةُ وَاْلأُخُوَّةُ كُلُّهُم
بِوَفَاةِ شَيْخ الْعِلْمِ وِاْلإيمَانِ
قَدْ مَاتَ حَادِي الرَّكْبِ شَابّاً نَاضِراً
فِي اْلأَرْبَعِينِ تَعُوزُهُ السَّنَتَانِ
رَحَلَ الْفَقِيدُ مُوَدِّعاً أَحْبَابَهُ
لاَ تَسْتَقِيمُ حَوَادِثُ اْلأَزْمَانِ
فِي دَعْوةِ الْقُرْآنِ كَانَ خِتَامَهُ
سُبْحَانَ رَبِّي خَالِقُ اْلأَكْوَانِ
هِيَ دَعْوَةٌ سُنِّيَّةٌ فِي أُسِّهَا
قَدْ خَاضَهَا فِي الْقَفْرِ وَالْوِدْيَانِ
مَاتَ الْهُمَامُ وَلَمْ يَمُتْ نِبْرَاسُهُ
شَرْعٌ قَوِيمٌ وَاضِحُ اْلأَرْكَانِ
فِي دَعْوَةٍ سَلَفِيَّةٍ مِنْهَاجُهُ
مَا شَابَهَا بِشَقَاشِقِ الْيُونَانِ
فَشِعَارُهُ التَّوْحِيدُ دَنْدَنَ حَوْلَهُ
وَاْلإتِّبَاعُ فَذَاكَ أَصْلٌ ثَانِ
أَمَّا السُّلُوكُ فَذَاكَ حَارِسُ مَجْدِهِ
وَمُجَدِّدٌ لأُصُولِ ذَا الْبُنْيَانِ
هَذِي "الْمَدَارِجُ" فَهْوَ يَشْرَحُ لُغْزَهَا
مِنْ عِلْمِ ذَاكَ الْقَيِّمِِ الرَّبَّانِي
فِي تُحْفَةٍ قَلْبِيَّةٍ قَدْ صَانَهَا
مِنْ عِلْمِ شَيْخِ السُّنَّةِ الْحَرَّانِي
دَاءُ النُّفُوسِ وَقَدْ أَشَاعَ دَوَاءَهُ
فِقْهُ ابْنِ حَزْمِ الظَّاهِرِيِّ الشَّانِ
دَحَرَ التَّصَوُّفَ وَالتَّشَيُّعَ جُمْلَةً
هَدَّ اليَسَارَ كَبَعْثِي أَوْ عَلْمَانِي
مِنْ مُلْحِدٍ مُتَفَسِّخٍ فِي زَيْغِهِ
حَتَّى الْكِتَابِي يَهُودِي أَوْ نَصْرَانِي
مَنْ كَانَ يَعْتَلِيُ الْمَنَابِرَ صَوْلَةً
بِحَدِيثِهِ وَكَلاَمِهِ الرَّنَّانِ
مَنْ كَانَ يَخْلِطُ عِلْمَهُ بِمَوَاعِظٍ
وَيُصِيغَهُ فِي قَالِبٍ فَنّاَنِ
أَوْ كَانَ يَعْقِدُ لِلتَّنَاظُرِ مَجْلِساً
وَخُصُومَهُ فِي غَايَةِ الْخُذْلاَنِ
فِقْهُ الدَّلِيلِ أَسَاسُهُ وَمَتَاعُهُ
أَنَّى تَوَجَّهَ حَامِلاً أَصْلاَنِ
هَذَا الْكِتَابُ وَسُنَّةٌ مَرْضِيَّةٌ
مَرْفُوعَةٌ لِنَبِيِّنَا الْعَدْنَانِي
وَمُطَبِّقٌ لِلْعِلْمِ بَعْدَ تَعَلُّمٍ
يَدْعُو إِلَيْهِ بِرَغْبَةٍ وَتَفَانِي
جَابَ الْبِلاَدَ شَمَالَهَا وَجَنُوبَهَا
مُتَفَاعِلاً مَعَ دَعْوَةِ الرَّحْمَنِ
وَثِمَارُهُ مَعْرُوفَةٌ وَتَرَوْنَهَا
هَذَا الدَّلِيلُ فَدُونَكَ الْبُرْهَانِ
فِقْهُ السِّيَاسَةِ قَدْ أَزَالَ غُبَارَهُ
وَاْلإِحْتِسَابُ فَذَاكَ فَرْعٌ بَانِي
عِلْمُ الْفُرُوقِ وَقَدْ أَشَادَ بُرُوقَهُ
بَعْدَ الْقَرَافِي مَالِكِيٌّ ثَانِي
أَحْكَامُ أَهْلُ الْعَهْدِ أَحْكَمَ فِقْهَهَا
مِنْ بَعْدِ شَمْسُ الدِّينِ وَالزَّيْدَانِ
شَرْحُ "الْعَوَاصِمِ وَالْقَوَاصِمِ" مُتْعَةٌ
فِي ذَبِّهِ عَنْ خِيرَةِ الْمَلَوَانِ
أَمَّا الْبُحُوثُ فَمِنْ أُصُولِ طَرِيقِهِ
فِي مَنْهَجِ التَّأْصِيلِ وَاْلإِتْقَانِ
هُوَ ثُلْمَةٌ مَكْسُورَةٌ فِي دِينِنَا
مَا سَدَّهَا أَلْفٌ وَلاَ أَلْفَانِ
هُوَ ثَغْرَةٌ مَخْرُومَةٌ فِي جِيلِنَا
وَمَكَانُهَا يَبْقَى مَدَى اْلأَزْمَانِ
لَمْ نَحْتَمِلْ أَبَداً فِرَاقَ حَبِيبِنَا
لِصُعُوبَةٍ فِي الْبَيْنِ وَالْفُقْدَانِ
جَاءَ "الْقَضَارِفُ" دَاعِياً وَمُبَشِّراً
بِرِسَالَةِ اْلإِسْلاَمِ وَالْقُرْآنِ
فِي آخِرِ الرَّحَلاَتِ جَادَ بِنَفْسِهِ
مُتَحَدِّياً لأَكَابِرِ الشُّجْعَانِ
يَا أَيُّهَا الْقَضْرُوفِي خُذْهَا عِبْرَةً
كَيْ تَسْتَقِيمَ عَلَى هُدَى الرَّحْمَنِ
سَالَتْ دُمُوعِيَ أَنْهُراً فِي فَقْدِهِ
وَتَحَجَّرَتْ فِي الْجِفْنِ وَالإِنْسَانِ
لَكِنَّهُ التَّسْلِيمُ طَوْعَ قَضَائِنَا
لِمَلِيكِنَا الْخَلاَّقُ وَالدَّيَّانِ
فِي رَجْزِنَا بَحْرٌ مَلِيحٌ مَاتِعٌ
قَدْ سُقْتُهَا نَونِيَّةٌ فِي اْلآنِ
هَذَا الرِّثَاءُ مُقَصِّرٌ فِي نَعْتِهِ
وَيَشُوبَهُ التَّقْصِيرُ وَالنُّقْصَانِ
رَحِمَ اْلإِلَهُ لِحِبِّنَا وَقَرِيبِنَا
وَأَثَابَهُ الْحَسَنَاتِ مَعْ غُفْرَانِ
هَطَلَتْ عَلَيْهِ سَحَائِبٌ مِنْ رَحْمَةٍ
وَأَعَاضَهُ الرَّحْمَنُ أَرْضَ جِنَانِ