رقم 89..
الحليب المغشوش ....
النشاط البشرى فى القرى ينحصر عادة فى الزراعة والرعى وقليلا جدا من الأعمال الخاصة كالتجارة وقليلا جدا من موظفى الحكومة أوالوظيفة الميرى ...
الزراعة خير وبركة ...والوظيفة أمان من الفقر ...والتاجر يولد تاجر ويموت تاجر ...
قال لى
كنا مجموعة من قبيلة واحدة نسكن وسط مشروع زراعى ونتعايش من تربية ورعى المواشى وبيع اللبن ...
كنت أكره تربية المواشى واكره السرحة لأن السارح مثل المسجون ..نعم هو يهيم فى الفضاء ولكنه مسجون بهيمته ...
فى المساء كنا نبيع اللبن فى سوق المدينة ...نجلس فى صف واحد ونبيع لبن أبقاره من سلالة واحدة ومرعاه واحد
ولكن الذى حيرنى أننى نادر مابيع كل ألبانى ...بالرقم من رفاقى كانو يغشون فى اللبن ويزيدونه ماء .... وأنا الوحيد الذى لم يغش ولم يسكب قطرة ماء فى لبنه ولكن بالرقم من ذلك كنت أخر من يبيع لبنه ..وربما ارجع للبيت بالباقى منه ...
حيرنى الموضوع ...
حتى أننى شكيت فى نفسى وفى إيمانياتى ... شكيت ..والشك من أبليس ولكن
وأستمر الحال وقتا ..
ولكن ..
فى يوم شكيت حالى وبؤسى لرفيق فيه شيئا من الورع والتقوى ...شيخ فيه شيئا لله ..قلت له
بالرقم من أن رفاقى يغشون فى اللبن ويزيدونه ماء يبيعون لبنهم قبل لبنى ...بينما أرجع أنا بلبنى للبيت .. هل ياشيخى أنا مصاب بلعنة ...
فكر قليلا وقال لى ...
غدا أنت زيد لبنك ماء ...قلت ولكن كيف ؟؟؟ ياشيخ
قال لى جرب يوم واحد
وفى اليوم التالى صبيت كوز من الماء على لبنى
ولدهشتى بعت لبنى كاملا فى وقت قياسى ...
ورجعت للشيخ وحكيت له ...
ضحك وقال لى جملة قصيرة (الحرام يذهب لبعضه ) ...ثم أن كل الأموال المتدوالة فى الاسواق فى أيامنا هذه أصلها حرام ...و ...ثم صمت ..
لم أناقشه كثيرا ..
فى الصباح الباكر ذهبت بكل ماشيتى للسوق وبعتها
وبثمنها أشتريت كشك لبيع الثلج ..
جلست فيه زمانا ..
ثم ارسل لى احد الرفاق (فيزا )
ثم صار حالى كما تراه اليوم ...
و ..
لم أفكر كثيرا فى حاله ...فهو نموزج لمغترب هادى رزين يطفح الهدوء والتقوى والصلاح من وجهه ...ولم أساله كم من الرصيد عنده ..
ولكنى أعلم أن رصيده الإيمانى يؤهله أن يكون من الأعيان ...
ولكن حديثه ذكرنى شيئا مهما قالته امراة مختلفة فى وقت مختلف
قالت لى شريكتى فى الحواشة (لقد توقفت عن شراء اللبن لأننى لأأضمن من أين يأتى الحشيش ) ...
هندى عثمان - الخبر