مشروع زواج
رقم 53
كنا نعمل معا فى شركة خليجية مشهورة ..رجل برقم تعليمه العالى وشهاداته الصادرة من ارقى الجامعات الأجنبية إلا انه كان رجلا بسيطا وحبوبا .. ودبلد ...كان يعمل مهندسا ميكانيكى فى القسم الذى كنت اعمل فيه أنا سائق ألات ثقيلة ..بالطبع راتبه كان أكبر من راتبى ربما بثلاثة أضعاف أو اكثر وكان يمكن أن يسكن فى فيلا لأن بدل السكن لمثله يمكنه من ذلك وأكثر ..ولكنه أصر أن يسكن معى فى شقة متواضعة فى كامب يتبع للشركة ..
لأنه سودانى وانا سودانى فى بلاد غربة ..نحتاج الونس والرفقة الحسنة ..عشنا معا وكان مثل والدى فى كل شىء ...كان مثل والدى فى إحترامه لى ولنفسه وفى عقله الكبير فى مشورته ..
كان من سكان أمدرمان من حى عريق وكنت أنا من الارياف وكان يحب لهجتى الريفية بدون تعال بينما كنت أحب حياته الهادئة ونظامه الراقى بدون إحساس بالنقص أو الدونية ...كانت علاقة غريبة جمعت بين الكهل المتمدين والريافى البسيط
وسكنت العزابة فى القربة تجعل الذى يسكن معك مثل أخيك وأكثر ..وتختفى الفوارق والحواجز ..وفى ليالى الغربة الطويلة يحلو السمر فحكى لى كل شىء عن نفسه واسرته وبيته الذى لم يكتمل ومصاريف الحاجة الكبيرة وخوفه على بناته ..فعرفت عنه كل شىء ..وعرفت أن بنته الكبرى لم تتزوج بعد برقم زواج اختها الصغرى
الحقيقة أقول لكم لقد أعجبنى الرجل ...كان رجلا راقيا ومتدينا وبسيطا ...حياته سهلة وبسيطة ..دواخله صافية وحياته بدون عقد ..والبسمه لاتفارقه لانه يحب النكتة ..ويجيد الطبيخ الراقى ونظيف ومرتب ..
حدثتنى نفسى الأمارة بالسوء أن أناديه ذات يوم بدل اسمه بأن أقول له (يا ابو النسب) كان يعلم تمام العلم بأننى لم أتزوج بعد ..ويعلم ايضا أننى فى حكاية الجنس الاخر ليس لى تجارب أو دراية عربى قيح (يعنى خام) ولم تكن لى حبيبة ولا حتى خيار معين فى بالى بينما كنت اجهز فى نفسى من النواحى المادية حيث أننى أشتريت الشيلة والذهب وخلافة كان الأختيار مشكلة ولكن ليس بدرجة كبيرة لأنه فى النهاية سوف أترك أمى أو أخواتى يختارون لى وسوف تكون من الأقارب ..ولكن حبى لذلك الرجل جعلنى أتوق لدخول ذلك العالم الجميل الراقى ..
عندما قلت له يا أبو النسب تهللت اساريره وقال لى بلغة أهل الخليج (تلك الساعة المباركة) وقال لى مبروك مقدما ....قلت له أستشير العروس قال لى لن تجد أفضل منك ..
وهكذا تمت الخطوبة مع والدها وأتفقنا أن ننزل الأجازة معا ويتم كل شىء ..بدورى أخبرت أهلى وكانو يعرفونه فتمت الموافقة وتم تحديد ميقات الزواج ..
وصلت طائرتنا ليلا مطار الخرطوم فذهبت معه إلى داره لابيت الليلة وأسافر غدا إلى القرية ..
أكرمتنى عائلته وحتى العروس المنتظرة أتت ومدت يدها بالسلام وبعد العشاء تركنى فى الصالون العتيق وذهب لينام مع اسرته...
فى حوش الصالون المنفصل تمددت فى إسترخا ومتعت بصرى فى النجوم الصافية وهواء النيل يداعبنى بلطف و...
ولاننى كنت متعبا من السفر والإنتظار فى المطارات لم أدرى كيف نمت ..ولكن فى منتصف الليل شعرت بيد تهزنى بلطف فأستيغظت من نومى وراسى ملى بالنعاس ..لقد كانت هى ..
كانت هى العروس جلست بجوارى على السرير وقالت لى أنا اسفة ولكن يجب أن أتكام معك قليلا ..قلت لها تفضلى معاك الإذن
قالت لى طبعا أنا أعرفك وصدف أن رايتك فى إجازتك الماضية وأعرفك اكثر من خلال كلام الوالد عنك ..وأعرف أنك شاب شهم و..
قلت لها قولى بدون تردد
قالت بصراحة أنا كنت مرتبطة ولى علاقة بدون علم الاسرة بشاب مثلك شهم وطيب ولكنه فقير ..
قلت لها بمعنى أنه ليس لديك الرغبة لمواصلة مشروعك معى ...قالت نعم ..قلت لها خيرا ..ويجب أن تذهبى الأن وغدا الصبح سوف يكون كل شىء على مايرام ..
لدهشتى الكبيرة اننى نمت بعد ذهبها بخمسة دقائق وكأن شيئا لم يكن ..
بإختصار شديد ..
ولأننى أحب تلك الاسرة و ذلك الرجل بحثت عن ذلك الشاب العاشق الفقير وتبادلت معه الحديث وأقنعته بأن يتزوج بالشيلة التى جلبتها لها وتحملت أيضا مشقة إقناع والدها بان يقبل بذلك العريس المسكين وأن تتم المناسبة فى نفس الإجازة وفى نفس اليوم والحمد لله تم كل ذلك ...وكنت يوم العرس كأن العرس عرسى
لن اقول لكم مامدى المعزة والتقدير الذى وجدته من تلك الاسرة والصداقة التى امتدت حتى الأن ..
بيدك أن تخلق العداوة ...
وبيدك ايضا أن تخلق المحبة ....
.ومازلت أبحث عن عروس وبشروط ميسرة ...لله يامحسنين
هندى عثمان – الخبر