الزيت والماء ...
رقم 71
حاتم ووفاء أصدقاء طفولة وزملاء دراسة منذ الصغر ...درسا معا فى مدرسة القرية المختلطة وبحكم الدراسة المختلطة نشأت بينهما صداقة مميزة يسودها الإحترام والندية والتنافس الصبيانى العفيف ..حيث كانا من أذكى تلاميذ المدرسة
وكان المتعارف عليها وقتها تنافسهما الشديد فى الدراسة فكانت نتائج دراستهاما أن أتى أحدهما الأولى فالأخر سوف يأتى الثانى فى الترتيب ...أى أمتحان وفاء الأولى وحاتم الثانى أو حاتم الأول ووفاء الثانية ..وهكذا ..علاقة أكاديمية بحتة ...مجملها عن الدراسة والمسائل والدروس ومراجعتها ..
حاتم أبن عامل بسيط بمرتب متواضع فى الوظيفة الميرى ..ولكنه كان نموزجا للشاب المكافح الذى يتمتع بحسن الخلق والسعى للحلال للرزق الحلال ...كان مهزبا وخلوقا ..وكان يثتثمر إجازاته السنوية فى العمل ليساعد والده البسيط فى المعيشة لأن اسرته كبيرة وأخواته مجموعة من البنات صغيرات السن حيث أن الحمل كان ثقيلا على والده ..
وفاء على عكس ذلك والدها أن كان يسكن القرية إلا أنه كان ميسور الحال لانه كان تأجرا كبيرا فى الخرطوم وبعد دخول وفاء الجامعة أنتقلت الاسرة للعيش فى الخرطوم ...بالرقم من أن سكان القرى وإن تفاوت الدخل بينهم إلا أن المحصلة فى النهاية معيشة متقاربة ...نعم كان هناك إختلاف بين الأسرتين إلا أن حاتم كان لايحس بذلك الإختلاف على الاقل قى ذلك الذمان ...كان هناك إختلاف غير منظورفى مستوى الأسر ذلك المجد المتوارث الذى بداء يزول مع تزايد الوعى العام
حاتم كان شخصية إجتماعية ساعده على ذلك دراسته المختلطة منذ الصغر حيث ساعده ذلك على التخلص من عقد الشباب فنشأءت بينه وبين وفاء علاقة قوية وطبيعية لابعد الحدود حيث كان من الطبيعى جدا أن يستذكرا دروسهما معا ويذهبان إلى المدرسة معا ...
أكملا مرحلة الاساس وافترقا ثلاثة سنين جسديا وإن ظلا معا روحيا فى المرحلة الثانوية ولكنهما وجدا نفسيهما معا فى جامعة واحدة ..وفى كلية واحدة فعادا معا من جديد ...ولكن
بداءت دماء جديدة تسرى فى علاقة الطفولة ..تلك العلاقة الأكاديمية البحتة ..تحولت من المسائل الرياضية البسيطة إلى معادلات كيميائية أكثر عمقا وتعمقا ..دخلا معا معمل الكلية فأعادا تشكيل عجينة الهواء على مزاجهما وعلى مقاسهما فتحول الود القديم إلى حب جارف تعمق أكثر عندما سارا معا تحت هجير الخرطوم الحارق وأكلا البوش وسارا معا على شط النيل ...وأكثر عبارة طربا لها هى عبارة (يانيل ياملولو .....ياطويل باليل دا جارى وين) ...
عندما دنت ساعة الحقيقة تردد الهمس من حوله و قالوا له أبتعد هى ليست لك ...
عندما سمعت هى ذلك الهمس غضبت غضبا شديدا وقالت إذا لم يكن لى لمن سيكون ونحن اللذان صرنا عنوان للهوى ..؟؟
بعد تخرجهما تقدم حاتم رسميا للزواج من وفاء ...لكنه وجد من والدها رفضا أدهشه وقال له نعم أنت ولد مهذب ومحترم لكن ولاشياء كثيرة أشياء موضوعية وتاريخية لن اقبل بك زوجا لبنتى ...عندما ألح عليه حاتم فى معرفة السبب الحقيقى لرفضه قال له والدها غاضبا (لن ازوجك بنتى لأن الزيت لايختلط بالماء ) ...و
خرج حاتم غاضبا ومذهولا ومحطما وو ...
..
كان ذلك فى ذمان مضى ...
ومرت السنوات ...
والعمر يجرى ...
وقطار الحياة يجرى ...موازيا لقطار اخر يجرى
ولم يتزوج الأثنان حتى الان ..
عندما سألوها لماذا لم تتزوجى حتى الأن وأنتى الجميلة المثقفة الغنية ذات الحسب والنسب قالت ...أنشغلت بالحياة الدراسية ومعالجة المعادلات الكيميائية ...
وعندما سالوه لماذا لم تتزوج حتى الأن ؟؟؟؟
أجاب قائلا هناك سؤال يحييرنى لم اجد له إجابة مقنعة حتى الان وهو لماذا لا يختلط الزيت بالماء ..
هندى عثمان – الخبر
موضوع: الزيت ....والماء 
الأحد أكتوبر 18, 2009 3:09 pm
