الفصل الثالث عشر
أعلن استئناف العام الدراسى ………..
العام الحاسم … عام الشهادة السودانية …… وتجمع الحبائب وعاد كل غائب ..محمود وسلمى ومروة ..والبص المربع الذى كتبت عليه ادارة مشروع الجزيرة بالسودان بداء رحلاته اليومية ..
كان اللقاء حارا وتبادل الجميع عبارات الترحيب والمجاملة ..
فى الطريق الى البص سألت سلمى طاهر .لقد ارسلت لك رسالتين لماذا لم ترد …. اندهش طاهر وقال اقسم بالله لم يصلنى منك ولاحرف ..
اندهشت سلمى وبانت عليها مسحة من الضيق والزعل ..وتمتمت ..معقول ..
طاهر : والله لم يصلنى منك حرف مع من ارسلتيها .
سلمى : ولايهمك ..ومعليش واهو نحن التقينا ..وافتكر اللقاء خير من الف خطاب ..وسأكتب لك كل يوم بعيونى خطاب … مش اكثر من كلمة ..اه … اه ياحبيبى بحبك ..
طاهر : لكن م…
ولكن سلمى قاطعته بسرعة ووجهت الحديث وجهة اخرى فجعلت تتكلم عن الامتحانات والمزاكرة والشهادات وفرص القبول والنسبة لهذا العام ..
يئس طاهر ونسى الموضوع
بالرقم من انه كان كان يود ان يقراء الاحرف التى يخطها القلم الانيق والاصابع الرقيقة ولكنه سكت ..سكت وخياله مشغول فى صاحب المصلحة فى تعطيل هذه الرسائل ومنعها من الوصول اليه ..ترى من هو ؟.؟
وبداء العام الدراسى ..
الجدل قائم ..والسؤال المكرر هل انت علمى ام ادبى ..طاهر لوحده اختار المجال العلمى ..محمود وسلمى وبدوى اختاروا المجال الادبى ..مروة أيضا أدبية ولكن تبدو نفسيا غير راقبة فى الدراسة وامرها لم يحسم ..كان طاهر متفوقا فى الرياضيات والفيزياء لذلك اختار المجال العلمى عن قناعة ..والدته قالت له دوما انى اريدك دكتورا ناجحا ..ولكنه لم يختار المجال العلمى رقبة فى الطب
81
ولكن لانه كان يحب البحث العلمى ..امنيته ان يجد معملا ليعيد ويخلط فيه عناصر الحياة ويعيد تركيبها ..لاشك ان دراسة الطب من امتع الدراسات ..وجاهة اجتماعية ومال لكن الرغبة فى البحث العلمى عنده كانت اقوى ..او انه الحلم القديم ان يصبح عالم زرة ..تاريخ العظماء والسير الذاتية لحياتهم تؤكد انهم ناس طبيعيون فى مستوى الذكاء بل بعضهم كان مصاب بعاهة جسدية مثل اديسون الاطرش ..فلماذا لايكون واحدا منهم .اذا كان الفاصل الوحيد هو الاجتهاد اذن فلنجتهد ..أو هكذا خيل له ..ولكن منطق العقل يقول يجب أخذ هذا الموضوع بشىءمن التعقل ..لأن الظروف أحيانا تتطلب شيئا ..والنفس تريد أشياء ..والواقع هنا يقول يجب دراسة شيئا خفيفا ليتم التخرج سريعا ...وياليت العمل يكون سريعا ..
تلك خيارات الشباب ومرحلة بداية الحياة ..
هناك خيارات تواجه الأنسان فى زمان لو تبدل الزمان لأختار غيرها ..
منها خيارات علمى ..أو أدبى ...رياضيات ..خيارات مصيرية
ومنها خيارات قلب الفتاة البكر الشابة ..
هل أتزوج هذا ..أم هذا ..هل أتزوج زيد أم عبيد ..؟
البنت عندما تكون فى مرحلة الصباء وايام الشباب ترفع سقف مطالبها وخيارتها ولكن ..بعد مرور السنين تبداء مرحلة التنازلات وتبدا فى أقبول أفضل الفرص ..وعندما تصل الفتاة إلى مرحلة أفضل الفرص تكون قد وصلت مرحلى تجاوز قلبها فى خياراتها ..فتخار بعقلها ..وخيار العقل قد يكون ناجح فى نظر المجتمع من حيث الشكل العام ..ولكن فى حقيقة الحال والواقع خيار العقل يحمل فى جيناته بذرة التفكك الاسرى والخلاف ..إلا إذا كان العقل عظيما وحكيما لدرجة السيطرة ..ولكن فى عموم الاحوال ..خيار القلب هو الأصل وما عداه لا شىء وإنماء حياة وتناسل وتكاثر بالأنساب ..
ما علينا ..المهم ..
الجديد فى الموضوع انه لاول مرة ومنذ سنين يجد نفسه لوحده وجاره ليس محمود ..لاول مرة هو فى فصل
ومحمود فى فصل اخر ..عندما جلس على الدرج واكتشف ذلك احس بشوق شديد لمحمود وهم ان يحمل درجه ويذهب به الى الفصل الادبى حيث محمود وليذهب البحث العلمى الى الجحيم ..
ولكن ..
82
تماسك قليلا وقال هذا مستقبل .. محمود مستقبله فى الادبى وانا مستقبلى فى العلمى ..
ألتفت الى جاره الجديد ..طالب فى القسم الداخلى ….. اسمر رفيع طويل القامة ..من ريفى المناقل .تبدو عليه الطيبة والبساطة اشتهر فى المدرسة بالمهارة فى كرة القدم والسلة … كان امهر من يلعب السلة فى مدرستنا ..محبوب من الطلاب والمعلمين … وكان هادئا ..وصبورا ..هادئا ذلك الهدو الذى يفتت الاعصاب ..وصبورا على اكل العدس والفول ..والفاصوليا ..
التفت اليه محمود وحاول ان يفتح معه حوارا ..سأله عن الجدول والمعلمين ..ايهما سيدرسنا الاحياء وايهما سيدرسنا التقاضل والتكامل ..اسئلة كان يعرف اجابتها ولكنه سأله ليقتل الملل ..للمجاملة وقتل الوقت ..
عديمى الموضوع يفتحون مواضيع معتادة للاستهلاك ..مثل الجو اليوم حار ..الباعوضة خفت ..حرب الخليج ..انه النفاق الاجتماعى او المجاملة … اننى اشم رائحة نفاق فى كلمة مجاملة …. عندما تذكر المجاملة تكون قريبا من النفاق ..انه عدم الموضوع ..ليت عديم الموضوع يقفل فمه ليوفر لنا الاعصاب لموضوع لم ياتى بعد ..استمر الحديث فاترا ..
احس طاهر انه يفتعل فى الحديث فتوقف ..اسند راسه على الدرج كأنه على وشك ان ينام ..
اغمض عينيه وتذكر والده الذى ارهقته السنين ..وامه التى تحلم به من عباد الله الموظفين فى الارض او ربما دكتور ..وسعاد وسعدية ..جوز الحمام الابيض ..عقله مثل بندول الساعة توقف المؤشر عند سلمى اخ خ خ
سلمى ..سلمى ..العطر النفاذ ..غريبة نفس العطر تستعمل فيه منذ لقائنا لاول مرة ..هذا العطر مثل المخدر وانا المدمن ..انه يفتح مسامى للشرح ..حقيقة هو الادمان ..العادة القاتلة لابد من اعبى منه رئتاى هذا العام لاجتاذ الامتحانات ..شىء مثل سيجارة الصباح ..
نعم سأشرح لها هذا العام ايضا كى تنجح ..يجب ان تنجح ..يجب ان تنجح هذا العام فى الرياضيات بل وفى جميع المواد ..هذا عهد اقطعه على نفسى بأن تنجح سلمى فى هذا العام ..
خطر له سؤال شيطانى لوخيروك بين ان تنجح انت او تنجح سلمى من ستختار ..
بدون تفكير قال طبعا سلمى …
ثم فكر قليلا وقال …
طبعا سلمى ..
النجاح حياة ..ولاحياة بدون سلمى .. 83